ولم يقل أحد أنها منسوخة في خبرهم.
والوصية لا تجوز بأكثر من الثلث اجماعا ، والأفضل أن يكون بأقل من الثلث لقوله عليهالسلام «والثلث كثير».
وقوله (إِنْ تَرَكَ خَيْراً) يعني : مالا. والمعروف هو العدل الذي لا يجوز أن ينكر ولا حيف فيه ولا جور. والحضور وجود الشيء بحيث يمكن أن يدرك وليس معناه في الاية إذا حضره الموت ، أي : إذا عاين الموت ، لأنه في تلك الحال في شغل عن الوصية ، لكن المعنى كتب عليكم أن تواصوا وأنتم قادرون على الوصية فيقول الإنسان : إذا حضرني الموت ، أي : إذا أنا مت فلفلان كذا.
فصل : قوله (فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ) الاية : ١٨١.
الوصي إذا بدل الوصية لم ينقص من أجر الموصي شيء كما لو لم تبدل ، لأنه لا يجازى أحد على عمل غيره ، لكن يجوز أن يلحقه منافع الدعاء والإحسان الواصل الى الموصى له على غير وجه الأجر له ، لكن على وجه الجزاء لغيره ممن وصل اليه ذلك الإحسان.
وفي الاية دلالة على بطلان قول من يقول : ان الوارث إذا لم يقض (١) دين الميت أنه يؤخذ به في قبره أو في الاخرة ، لما قلنا من أنه دل على ان العبد لا يؤاخذ بجرم غيره ، إذ لا اثم عليه بتبديل غيره. وكذلك لو قضى عنه الوارث من غير أن يوصي به الميت ، لم يزل عقابه بقضاء الوارث عنه ، الا ان يتفضل الله بإسقاطه عنه. وقوله (إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) معناه : سميع لمقالة الموصي من العدل ، أو الجنف عليهم بما يفعله الوصي من التبديل أو التصحيح ، فيكون ذكر ذلك داعيا الى الطاعة.
فصل : قوله (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ
__________________
(١). في التبيان : لم يقض.