مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ») الاية : ٢١٣.
فان قيل : إذا كان الزمان لا يخلو من حجة كيف يجوز أن يجتمعوا كلهم على الكفر بالله؟
قلنا : يجوز أن يقال ذلك على التغليب ، لان الحجة إذا كان واحدا أو جماعة كثيرة (١) ، لا يظهرون للباقين خوفا وتقية ، فيكون ظاهر الناس كلهم الكفر بالله ، فلذلك جاز الاخبار به على الغالب من الحال ، ولا يعتد بالعدة القليلة.
فصل : قوله (يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلْ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ) الاية : ٢١٥.
النفقة : إخراج الشيء عن الملك ببيع أو هبة أو صلة ونحوها ، وقد غلب في العرف على إخراج ما كان من المال من عين أو ورق.
فصل : قوله (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ) الاية : ٢١٦.
فان قيل : كيف كره المؤمنون الجهاد وهو طاعة لله؟.
قيل : عنه جوابان ، أحدهما : أنهم يكرهونه كراهية طباع ، والثاني : أنه كره لكم قبل أن يكتب عليكم. وعلى الوجه الاول يكون لفظة الكراهة مجازا ، وعلى الثاني حقيقة.
فصل : قوله (فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ) الاية : ٢١٧.
معناه : أنها صارت بمنزلة ما لم يكن لايقاعهم إياها على خلاف الوجه المأمور به ، وليس المراد أنهم استحقوا عليها الثواب ثم انحبطت ، لان الإحباط عندنا باطل على هذا الوجه.
والحبط : فساد يلحق الماشية في بطونها لأكل الحباط ، وهو ضرب من الكلاء.
__________________
(١). في التبيان : يسيرة.