ومن ضم الياء فتقديره : الا أن يخافا على ألا يقيما حدود الله. وقال أبو عبيدة الا أن يخافا ، معناه يوقنا فان خفتم فان أيقنتم. والذي روي عن أبي عبد الله عليهالسلام أنه إذا خاف أن يعصى الله فيه بارتكاب محظور وإخلال بواجب وألا تطيعه فيما يجب عليها ، فحينئذ يحل له أن يخلعها. ومثله روي عن الحسن.
فان قيل : كيف قال (فَلا جُناحَ عَلَيْهِما) وانما الاباحة لاخذ الفدية؟
قيل : لأنه لو خص بالذكر لأوهم أنها عاصية ، وان كانت الفدية له جائزة ، فبين الاذن لهما لئلا يوهم كالزنا المحرم على الأخذ والمعطي. وذكر الفراء وجهين :
أحدهما : أنه قال : هو كقوله (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ) (١) وانما هو من الملح دون العذب مجازا للاتساع (٢) ، وهذا هو الذي يليق بمذهبنا ، لان الذي يبيح الخلع عندنا هو ما لولاه لكانت المرأة به عاصية.
والوجه الثاني : على قوله ان أظهرت الصدقة فحسن ، وان أسررت فحسن وانما هو على مزاوجة الكلام ، كقوله (فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ) (٣) والفدية الجائزة في الخلع ، فعندنا ان كان البغض منها وحدها وخاف منها العصيان جاز أن يأخذ المهر فما زاد عليه ، وان كان منهما فيكون دون المهر.
واستدل أصحابنا بهذه الاية على أن الطلاق الثلاث بلفظ واحد لا يقع ، لأنه قال (الطَّلاقُ مَرَّتانِ) ثم ذكر الثالثة على الخلاف في أنها قوله (أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) أو قوله (فَإِنْ طَلَّقَها) ومن طلق بلفظ واحد فلا يكون أتى بالمرتين ولا بالثالثة ، كما أنه لما أوجب في اللعان أربع شهادات ، فلو أتى بلفظ واحد لما وقع موقعه ، وكما لو رمى بسبع حصيات في الجمار دفعة واحدة لم يكن مجزيا له ، وكذلك الطلاق.
__________________
(١). سورة الرحمن : ٢٢.
(٢). في التبيان : فجاز الاتساع.
(٣). سورة البقرة : ١٩٤.