وفي الاية بيان لامرين : أحدهما مندوب ، والثاني فرض. فالمندوب هو أن يجعل الرضاع تمام الحولين ، لان ما نقص عنه يدخل به الضرر على المرتضع ، والمفروض أن مدة الحولين هي التي تستحق المرضعة الأجر فيهما ولا تستحق فيما زاد عليه (١) ، وهو الذي بينه الله تعالى بقوله (فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) (٢) فتثبت المدة التي فيها تستحق [بها] الاجرة على ما أوجبه الله تعالى في هذه الاية.
وانما قال «كاملين» وان كانت التثنية تأتي على استيفاء العدة ، لرفع التوهم من أنه على طريقة التغليب ، كقولهم : سرنا يوم الجمعة ، وان كان السير في بعضه وقد يقال أقمنا حولين وان كانت الاقامة في حول وبعض آخر ، فهو أرفع (٣) لإيهام الذي يعرض في الكلام.
فان قيل : هل يلزم الحولين في كل مولود؟
قيل : فيه خلاف. قال ابن عباس : لا ، لأنه يعتبر ذلك بقوله (وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً) (٤) فان ولدت المرأة لستة أشهر فحولين كاملين ، وان ولدت لسبعة أشهر فثلاثة وعشرون شهرا. وان ولدت لتسعة أشهر فأحد وعشرين شهرا ، تطلب بذلك التكملة لثلاثين شهرا في الحمل والفصال الذي سقط به الفرض ، وعلى هذا تدل أخبارنا ، لأنهم رووا أن ما نقص عن أحد وعشرين شهرا فهو جور على الصبي.
وقوله (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) معناه : انه يجب على الأب اطعام أم الولد وكسوتها ما دامت في الرضاعة اللازمة إذا كانت مطلقة ،
__________________
(١). في التبيان : عليهما.
(٢). سورة الطلاق : ٦.
(٣). في التبيان : لرفع.
(٤). سورة الأحقاف : ١٥.