جَمِيعاً) (١) فان جميع ذلك دلالة على قدرته عليهم.
ولا يدل قوله (وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوا) على أنه قد شاء اقتتالهم ، لأنه إذا احتمل الكلام وجهين : أحدهما يجوز عليه ، والاخر لا يجوز عليه ، وجب حمله على ما يجوز حمله عليه دون ما لا يجوز عليه ، فلذلك كان تقدير الكلام. ولو شاء الله امتناعهم بالإلجاء ما اقتتلوا.
ونظيره قول القائل : لو شاء السلطان الأعظم لم يشرب النصارى الخمر في سلطانه ، ولا نكحت المجوس الأمهات والبنات. وليس في ذلك دليل على أنه قد شاءه.
وانما كرر قوله (وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوا) لاختلاف المعنى ، فمعنى الاول لما (٢) شاء الله ما اقتتلوا باضطرارهم الى الحال التي يرتفع معها التكليف ، ومعنى الثاني بالأمر للمؤمنين أن يكفوا عن قتالهم ، ويجوز أن يكون لتأكيد التثنية (٣) على هذا المعنى.
فصل : قوله (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ) الاية : ٢٥٤.
قوله «ولا شفاعة» وان كان على لفظ العموم فالمراد به الخصوص بلا خلاف لان عندنا قد يكون شفاعة في إسقاط الضرر ، وعند مخالفينا في الوعيد قد يكون في زيادة المنافع ، فقد أجمعنا على ثبوت شفاعة ، وانما ننفي نحن الشفاعة قطعا عن الكفار ومخالفونا في كل مرتكب كبيرة إذا لم يتب منها.
__________________
(١). سورة يونس : ٩٩.
(٢). في التبيان : لو.
(٣). في التبيان : البينة.