وقوله (وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ) انما ذم الله الكافرين (١) بالظلم وان كان الكفر أعظم منه لامرين :
أحدهما : للدلالة على أن الكافر قد ضر نفسه بالخلود في النار ، فقد ظلم نفسه.
والاخر : أنه لما نفى البيع في ذلك اليوم والخلة والشفاعة ، قال : وليس ذلك بظلم منا ، بل الكافرون هم الظالمون ، لأنهم عملوا ما استحقوا به حرمان الثواب.
فصل : قوله (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ) الاية : ٢٥٥.
قوله (وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ) معناه : من معلومه (٢) كقول القائل : اللهم اغفر لنا علمك فينا ، وإذا ظهرت آية يقولون : هذه قدرة الله ، أي : مقدور الله.
وقوله (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ) قال ابن عباس : كرسيه علمه ، وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهماالسلام. وقال الحسن : الكرسي هو العرش ، وقيل : هو سرير دون العرش ، وقد روي ذلك عن أبى عبد الله عليهالسلام وقيل : أصل ملكه. وكل ذلك محتمل.
أما العلم ، فلانه يقال للعلماء : الكراسي لأنهم المعتمد ، كما يقال : هم أوتاد الأرض ، وهم الأصل الذي يعتمد عليه ، ويقال لكل أصل يعتمد عليه : كرسي ، قال الشاعر :
تحف بهم بيض الوجوه وعصبة |
|
كراسي بالاحداث حين تنوب (٣) |
أي : علما بحوادث الأمور ، وقال آخر :
ما بالي بأمرك كرسي أظالمه (٤) |
|
وهل بكرسي بعلم الغيب مخلوق |
__________________
(١). في التبيان : الكافر.
(٢). في التبيان : علومه.
(٣). أساس البلاغة «كرس».
(٤). في التبيان : أكاتمه.