فأت بها من المغرب ، فبهت الذي كفر.
وانما فعل ذلك لأنه لو تشاغل معه ، بأني أردت اختراع الحياة والموت من غير سبب ولا علاج لاشتبه على كثير ممن حضر ، فعدل الى ما هو أصح وأكشف لان الأنبياء عليهمالسلام انما بعثوا للبيان والإيضاح ، وليست أمورهم
مبنية على بناء الخصمين إذا تحاجا وطلب كل واحد غلبة خصمه ، فلذلك فعل ابراهيم عليهالسلام ما فعل.
وقد روي عن أبي عبد الله عليهالسلام أن ابراهيم قال له أحيي من قتلته ان كنت صادقا ، ثم استظهر عليه بما قال.
فان قيل : هلا قال لإبراهيم فليأت ربك بها من المغرب؟
قلنا : عن ذلك جوابان :
أحدهما : أنه لما علم بما رأى من الآيات منه أنه لو اقترح ذلك لفعل الله ذلك فتزداد فضيحة عدل عن ذلك ، ولو قال ذلك واقترح لاتى الله بالشمس من المغرب تصديقا لإبراهيم عليهالسلام.
والجواب الثاني : انه خذله عن التلبيس والشبهة.
فصل : قوله (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللهُ) الاية : ٢٥٩.
معناه : خالية. والخواء : الفرجة بين الشيئين يخلو ما بينهما. والخوى : الجوع ، خوى يخوي خوى لخلو (١) البطن من الغذاء : والتخوية : التفريج بين العضدين والجبينين.
وقوله (عَلى عُرُوشِها) يعني : على أبنيتها ، ومنه (وَما كانُوا يَعْرِشُونَ) (٢) أي يبنون ، ومنه عريش مكة أبنيتها وخيامها وكل بناء عرش.
__________________
(١). في التبيان : يخلو.
(٢). سورة الاعراف : ١٣٦.