وقوله (إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى مَنْ يَكْفُلُهُ) قيل : ان موسى امتنع أن يقبل ثدي مرضعة الا ثدي أمه ، لما دلتهم عليها أخته ، فلذلك قال (فَرَجَعْناكَ إِلى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ).
وقوله (وَقَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْناكَ مِنَ الْغَمِّ). وروي عن النبي أن قتله النفس كان خطئا. وقال جماعة من المعتزلة : انه كان صغيرة.
وقال أصحابنا : انه كان ترك مندوب اليه ، لان الله تعالى قد كان حكم بقتله ، لكن ندبه الى تأخير قتله الى مدة غير ذلك ، وانما نجاه من الفكر في قتله ، وكيف لم يؤخره الى الوقت الذي ندبه اليه.
وقال قوم : أراد نجيناك من القتل ، لأنهم طلبوه ليقتلوه بالقبطي.
وقوله (وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً) أي : اختبرناك اختبارا ، والمعنى انا عاملناك معاملة المختبر حتى خلصت للاصطفاء بالرسالة.
فصل : قوله (وَالسَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى. إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنا أَنَّ الْعَذابَ عَلى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى. قالَ فَمَنْ رَبُّكُما يا مُوسى. قالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى) الاية : ٤٧ ـ ٥٠.
قوله (وَالسَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى) يعني السلامة والرحمة على من اتبع طريق الحق.
وقوله (فَمَنْ رَبُّكُما يا مُوسى) وقيل : انه قال : فمن ربكما؟ على تغليب الخطاب والمعنى فمن ربك وربه يا موسى ، فقال موسى مجيبا له (رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى) ومعناه : أعطى كل شيء حي صورته التي قدر له ، ثم هداه الى مطعمه ومشربه ومسكنه ومنكحه ، الى غير ذلك من ضروب هدايته.
وقيل : معناه أعطى كل شيء مثل خلقه من روحه ، ثم هداه لمنكحه من غير ان رأى ذكرا أتى أنثى.