فصل : قوله (فَما بالُ الْقُرُونِ الْأُولى. قالَ عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى) الاية : ٥١ ـ ٥٢.
قال الزجاج : القرن : أهل كل عصر فيهم نبي أو امام ، أو عالم يقتدى به ، وان لم يكن واحد منهم لم يسم قرنا.
حكى الله تعالى ما قال فرعون لموسى (فَما بالُ الْقُرُونِ) وهي الأمم الماضية وكان هذا السؤال منه معاياة لموسى ، فأجابه موسى بأن قال (عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي) لأنه لا يخفى عليه شيء من المعلومات.
وقوله (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى) أي : ان في جميع ما عددناه دلالات لاولى العقول ، والنهى جمع نهية ، وانما خص أولي النهى لأنهم أولي الفكر والاعتبار وأهل التدبير والاتعاظ.
وقيل : لأنهم ينهون النفوس عن القبائح. وقيل : لأنه ينتهي الى رأيهم.
فصل : قوله (وَلَقَدْ أَرَيْناهُ آياتِنا كُلَّها فَكَذَّبَ وَأَبى) الاية : ٥٦.
تقديره : أريناه آياتنا التي أعطيناها موسى وأظهرناها عليه «كلها» لما يقتضيه حال موسى عليهالسلام معه ، ولم يرد جميع آيات الله التي يقدر عليها ولا كل آية خلقها لان من المعلوم أنه لم يرد جميعها به.
والسحر حيلة يخفى سببها ويظن بها المعجزة ، ولذلك يكفر المصدق بالسحر لأنه لا يمكنه العلم بصحة النبوة ، فان الساحر يأتي بسحره.
وقوله (مَكاناً سُوىً) أي : عدنا مكانا يجتمع فيه ووقتا يأتى فيه مكانا سوى عدلا بيننا وبينك ، في قول قتادة والسدي ، ذكره ابن زيد ، وفيه إذا قصر لغتان : كسر السين وضمها ، وإذا فتحت السين مددته ، نحو قوله (إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ) (١).
__________________
(١). سورة آل عمران : ٦٤.