ومعنى «ألا تتبعني» ما منعك أن تتبعني ، ف «لا» زائدة ، كما قال (ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ) (١).
قوله (لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي) قيل : في وجه ذلك قولان :
أحدهما : أن عادة ذلك الوقت أن الواحد إذا خاطب غيره قبض على لحيته كما يقبض على يده في عادتنا والعادات تختلف ، ولم يكن ذلك على وجه الاستخفاف به.
الثاني : أنه أجراه مجرى نفسه إذا غضب في القبض على لحيته.
فصل : قوله (قالَ بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُها وَكَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي) الآيات : ٩٦ ـ ١٠٠.
فنبذتها في العجل على ما أطعمتني (٢) نفسي من انقلابه حيوانا.
وقال ابن زيد : معنى (سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي) حدثتني. وقيل : معناه زينت لي.
فان قيل : لم جاز انقلابه حيوانا مع أنه معجز لغير نبي؟
قلنا : في ذلك خلاف ، فمنهم من قال : انه كان معلوما معتادا في ذلك الوقت أنه من قبض من أثر الرسول قبضة فألقاها على جماد صار حيوانا ، ذكره أبو بكر ابن الاخشاذ ، فعلى هذا لا يكون خرق عادة بل كان معتادا. وقال الحسن : صار لحما ودما.
وقال الجبائي : المعنى أنه سولت له نفسه ما لا حقيقة له ، وانما جاز بحيلة جعلت فيه من خروق إذا دخلها الريح سمع له خوار منه.
فقال له موسى عند ذلك (فَاذْهَبْ) يا سامري (فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ) واختلفوا في معناه ، فقال قوم : معناه أن تقول لا أمس ولا أمس ، وكان
__________________
(١). سورة الاعراف : ١١.
(٢). كذا في النسخ الثلاث ، وفي التبيان : أطمعتنى.