ومعنى «لا تضحى» أي : لا يصيبك حر الشمس ، وهو قول ابن عباس وسعيد ابن جبير وقتادة ، وقال عمر بن أبي ربيعة :
رأت رجلا اما إذا الشمس عارضت |
|
فيضحى واما بالعشي فيخضر (١) |
أي : يخضر من البرد. وقيل : ليس في الجنة شمس انما فيها نور وضياء وانما الشمس في سماء الدنيا خاصة.
وضحى الرجل يضحي ضحا إذا برز للشمس.
فصل : قوله (فَأَكَلا مِنْها فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى) الآيات : ١٢١ ـ ١٢٥.
أخبر الله تعالى عن آدم وحواء أنهما أكلا من الشجرة التي نهى الله عن أكلها وعندنا أن النهي كان على وجه التنزيه والاولى ، وعلى جهة الندب دون نهي الحظر والتحريم ، لان الحرام لا يكون الا قبيحا ، والأنبياء لا يجوز عليهم شيء من القبائح لا كبيرها ولا صغيرها.
وقال الجبائي : لا تقع معاصي الأنبياء الا سهوا ، فأما العلم بأنها معاصي فلا تقع.
وقال قوم آخرون أيضا : انه وقع من آدم أكل الشجرة خطا ، لأنه كان نهى عن جنس الشجرة ، فظن أنه نهى عن شجرة بعينها ، فأخطأ في ذلك ، وهذا خطأ لأنه تنزيه له من وجه من المعصية.
ونسبه اليه من وجهين : أحدهما ـ أنه فعل القبيح. والثاني : أنه أخطأ في الاستدلال.
وقال قوم : انها وقعت منه عمدا وكانت صغيرة وقعت محبطة ، وقد بينا أن ذلك لا يجوز عليهم عندنا بحال.
وقوله (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى) معناه : خالف ما أمره الله به فخاب ثوابه
__________________
(١). ديوانه ص ١٢١.