والمعصية مخالفة الامر ، سواء كان واجبا أو ندبا ، قال الشاعر :
أمرتك أمرا جازما فعصيتني
ويقال أيضا : أشرت عليك بكذا فعصيتني ، ويقال : غوى يغوي غواية وغيا إذا خاب ، قال الشاعر :
فمن يلق خيرا يحمد الناس أمره |
|
ومن يغو لا يعدم على الغي لائما |
أي : من يخب. ومعنى «طفقا» يعني ظلا يفعلان وجعلا يفعلان.
وقوله (يَخْصِفانِ عَلَيْهِما) قيل انهما كانا يطبقان ورق الجنة بعضه على بعض ويخيطان بعضه الى بعض ليسترا به سوآتهما.
وقوله (وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى) قيل معناه نحشر يوم القيامة أعمى البصر وقيل : أعمى الحجة.
وقيل : أعمى من جهات الخير لا يهتدى اليها. والاول هو الظاهر إذا أطلق.
فصل : قوله (كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى) الآيات : ١٢٦ ـ ١٣٠.
(فَنَسِيتَها) أي : تركتها ولم تعتبر بها وفعلت معها ما يفعله الناسي الذي لم يذكرها أصلا ، ومثل ذلك اليوم تترك من ثواب الله ورحمته وتخلى (١) من نعمه ، وتصير بمنزلة من قد ترك في المنسي بعذاب لا يفنى.
ثم قال : ومثل ذلك «نجزي من أسرف» على نفسه بارتكاب المعاصي وترك الواجبات ولم يصدق بآيات ربه وحججه.
ثم قال «ولعذاب الاخرة» بالنار «أشد وأبقى» لأنه دائم وعذاب القبر ، وعذاب الدنيا يزول ، وهذا يقوي قول من قال : ان قوله (مَعِيشَةً ضَنْكاً) أراد به عذاب القبر.
__________________
(١). في التبيان : وتحرم.