ولا يجوز أن يكون المراد بقوله «فنسيتها» النسيان الذي ينافي العلم ، لان ذلك من فعل الله لا يعاقب العبد عليه ، اللهم الا أن يراد أن الوعيد على التعرض لنسيان آيات الله ، فأجرى في الذكر على نسيان الآيات ، للتحذير من الوقوع فيه.
وقوله (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ) يعني : صلاة الفجر (وَقَبْلَ غُرُوبِها) يعني : صلاة العصر (وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ) يعني صلاة المغرب والعشاء (وَأَطْرافَ النَّهارِ) صلاة الظهر في قول قتادة ، وآناء الليل ساعات الليل واحدها اني ، وقال السعدي :
حلو ومر كعصف القدح مرته |
|
بكل اني حذاه الليل ينتعل |
سورة الأنبياء
فصل : قوله (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ. ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ) الآيات ١ ـ ٥.
قوله (وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ) فالغفلة السهو ، وهو ذهاب المعنى عن النفس ونقيضها اليقظة ، ونقيض السهو الذكر ، وهو حضور المعنى للنفس ، والنسيان فهو غروب المعنى عن النفس بعد حضوره.
وقوله (ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ) معناه : أي شيء من القرآن محدث بتنزيله سورة بعد سورة وآية بعد آية (إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ) أي : كل ما جدد لهم الذكر استمروا على الجهل.
وفي هذه الاية دلالة على أن القرآن محدث ، لأنه تعالى أخبر أنه ليس يأتيهم ذكر محدث من ربهم الا استمعوه وهم لاعبون. والذكر هو القرآن ، قال الله تعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) (١) وقال (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ
__________________
(١). سورة الحجر : ٩.