واللعب يستحيل في صفة القديم تعالى ، لأنه عالم لنفسه بجميع المعلومات غنى عن جميع الأشياء ، ولا يمتنع وصفه بالقدرة عليه ، كما نقول في سائر القبائح وان كان المعلوم أنه لا يفعله لما قدمناه.
ثم قال تعالى (لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا) قال الحسن ومجاهد : اللهو المرأة. وقال قتادة : اللهو المرأة بلغة أهل اليمن.
ثم قال تعالى : (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ) معناه : انا نلقي الحق على الباطل فيهلكه. والمراد به أن حجج الله تعالى الدالة الحق تبطل شبهات الباطل ويقال : دمغ الرجل إذا شج شجة تبلغ أم الدماغ فلا يحيى صاحبها بعدها.
وقوله (فَإِذا هُوَ زاهِقٌ) أي : هالك مضمحل ، وهو قول قتادة ، زهق زهوقا إذا هلك.
فصل : قوله (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا فَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ) الاية : ٢٢.
يعني : في السماء والأرض (آلِهَةٌ) أي : من يحق له العبادة «غير الله لفسدتا» لأنه لو صح إلهان أو آلهة لصح بينهما التمانع ، فكان يؤدي ذلك إذا أراد أحدهما فعلا وأراد الاخر ضده ـ أما أن يقع مرادهما ، فيؤدي الى اجتماع الضدين ، أو لا يقع مرادهما فينقض كونهما قادرين ، أو يقع مراد أحدهما فيؤدي الى نقض كون الاخر قادرا ، وكل ذلك فاسد ، فاذن لا يجوز أن يكون الا له الا واحدا ، وهذا مشروح في كتب الأصول.
وقوله (فَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ) وانما أضافه الى العرش ، لأنه أعظم المخلوقات ، ومن قدر على أعظم المخلوقات كان قادرا على ما دونه.
ثم قال تعالى (لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ) لأنه لا يفعل الا ما هو حكمة وصواب ، فلا يقال للحكيم : لم فعلت الصواب؟ وهم يسألون لأنه يجوز عليهم الخطأ.