كما كان دفع كل واحد الى صاحبه ، ذكره ابن مسعود ، وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهماالسلام.
وقال أبو علي الجبائي : أوحى الله الى سليمان بما نسخ به حكم داود الذي كان يحكم به قبل ، ولم يكن ذلك عن اجتهاد ، لان الاجتهاد لا يجوز أن يحكم به الأنبياء. وهذا هو الصحيح عندنا.
قال الجبائي : أكمل الله تعالى عقول الطيور حتى فهمت ما كان سليمان يأمرها به وينهاها عنه وما يتوعدها به متى خالفت.
قوله (وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ) انما جمعه في موضع التثنية لان داود وسليمان كان معهما المحكوم عليه ومن حكم له ، فلا يمكن الاستدلال به ، على أن أقل الجمع اثنان.
ومن قال : انه كناية عن الاثنين ، قال : هو يجري مجرى قوله (فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ) (١) في موضع فان كان له أخوان. وهذا ليس بشيء ، لان ذلك علمناه بدليل الإجماع ، ولذلك خالفا فيه ابن عباس ، فلم يحجب بأقل من ثلاثة.
وقوله (وَعَلَّمْناهُ) يعني داود (صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ) أي : علمناه كيف يصنع الدرع. وقيل : ان اللبوس عند العرب هو السلاح كله ، درعا كان أو جوشنا.
فصل : قوله (وَمِنَ الشَّياطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حافِظِينَ) الآيات : ٨٢ ـ ٨٥.
أي : وسخرنا لسليمان قوما من الشياطين يغوصون له في البحر.
«ويعملون عملا دون ذلك» قال الزجاج : معناه سوى ذلك.
«وكنا لهم حافظين» أي : يحفظهم الله من الإفساد لما عملوه. وقيل : كان يحفظهم لئلا يهربوا من العمل.
__________________
(١). سورة النساء : ١٠.