وقال الجبائي : كشف (١) الله أجسام الجن حتى تهيأ لهم تلك الاعمال معجزا لسليمان عليهالسلام ، قال : لأنهم كانوا يبنون له البنيان والغوص في البحار ، وإخراج ما فيها من اللؤلؤ وغيره ، وذلك لا يتأتى مع رقة أجسامهم ، قال : وسخر له الطير بأن قوى أفهامها حتى صارت كصبياننا الذين يفهمون التخويف والترغيب.
اختلفوا في ذي الكفل ، فقال أبو موسى الاشعري وقتادة ومجاهد : كان رجلا صالحا كفل لنبي بصوم النهار وقيام الليل ، وألا يغضب ويقضي بالحق ، فوفى لله بذلك فأثنى الله عليه.
وقال قوم : كان نبيا كفل بأمر وفى به. وقال الحسن : هو نبي اسمه ذو الكفل. وقال الجبائي : هو نبي.
ومعنى وصفه بالكفل أنه ذو الضعف ، أي : ضعف ثواب غيره ممن في زمانه لشرف عمله.
فصل : قوله (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ) الآيات : ٨٧ ـ ٩٠.
النون الحوت ، وصاحبها يونس بن متى ، غضب على قومه ، في قول ابن عباس والضحاك ، فذهب مغاضبا لهم ، فظن أن الله لا يطيق عليه ، لأنه كان ندبه الى الصبر عليهم والمقام فيهم ، من قوله (وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ) (٢) أي : ضيق ، وقوله (اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ) (٣) أي : يضيق ، وهو قول ابن عباس ومجاهد والضحاك وأكثر المفسرين.
ومن قال : ان يونس عليهالسلام ظن أن الله لا يقدر عليه من القدرة فقد كفر. وقيل :
__________________
(١). في «ق» : كثف.
(٢). سورة الطلاق : ٧.
(٣). سورة الرعد : ٢٨.