الغذاء ، والغذاء ينبت من التراب ، فكان أصلهم كلهم التراب ، ثم أحالهم بالتدريج الى النطفة ، ثم أحال النطفة علقة ، وهي القطعة من الدم جامدة ، ثم أحال العلقة مضغة ، وهي شبه قطعة من اللحم ممضوغة ، والمضغة مقدار ما يمضغ من اللحم.
وقوله (مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ) قال قتادة : تامة الخلق وغير تامة وقيل : مصورة وغير مصورة ، وهي السقط ، في قول مجاهد.
وقوله (وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ) قيل : معناه أهونه وأخسه عند أهله وقيل : أحقره. وقيل : هي حال الخرف ، وانما قيل أرذل العمر ، لان الإنسان لا يرجو بعده صحة وقوة ، وانما يترقب الموت والفناء ، بخلاف حال الطفولية.
وقوله (لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً) معناه : ان رددناه الى أرذل العمر لكيلا يعلم ، لأنه يزول عقله من بعد أن كان عاقلا عالما بكثير من الأشياء ينسى جميع ذلك.
فصل : قوله (وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) الاية : ١٠.
انما ذكره بلفظ المبالغة وان كان لا يفعل القليل من الظلم لامرين :
أحدهما : أنه خرج جوابا للمجبرة وردا عليهم ، لأنهم ينسبون كل ظلم في العالم اليه تعالى ، فبين أنه لو كان كما قالوا لكان ظلاما وليس بظالم.
الثاني : أنه لو فعل أقل قليل الظلم كان عظيما منه ، لأنه يفعله من غير حاجة اليه فهو أعظم من كل ظلم فعله فاعله لحاجته اليه.
فصل : قوله (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ) الاية : ١١.
ان في الناس من يوجه عبادته الى الله على ضعف في العبادة ، كضعف القيام على حرف جرف ، وذلك من اضطرابه في استيفاء النظر المؤدي الى المعرفة ، فأدنى شبهة تعرض له ينقاد لها ولا يعمل في حلها.
والحرف والطرف والجانب نظائر ، والحرف منتهى الجسم ، ومنه الانحراف