وعندنا أنه يجلد أولا مائة جلدة ثم يرجم ، وفي أصحابنا من خص ذلك بالشيخ والشيخة إذا زنيا وكانا محصنين ، فاما إذا كانا شابين محصنين لم يكن عليهما غير الرجم ، وهو قول مسروق ، وفي ذلك خلاف ذكرناه في الخلاف.
والإحصان الذي يوجب الرجم هو أن يكون له فرج (١) يغدو اليه ويروح على وجه الدوام وكان حرا ، فأما العبد فلا يكون محصنا ، وكذلك الامة لا تكون محصنة ، وانما عليهما نصف الحد خمسون جلدة.
والحر متى كان عنده زوجة حرة يتمكن من وطئها مخلى بينه وبينها ، سواء كانت حرة أو أمة ، أو كانت عنده أمة يطأها بملك اليمين ، فانه متى زنا وجب عليه الرجم.
ومتى كان غائبا عن زوجته شهرا فصاعدا ، أو كان محبوسا ، أو هي محبوسة هذه المدة ، فلا إحصان. ومن كان محصنا على ما قدمناه ، ثم ماتت زوجته أو طلقها ، بطل احصانه. وفي جميع ذلك خلاف بين الفقهاء ، ذكرناه في الخلاف.
والخطاب بهذه الاية وان كان متوجها الى الجماعة ، فالمراد به الائمة بلا خلاف ، لأنه لا خلاف أنه ليس لاحد اقامة الحدود الا للإمام ، أو من يوليه الامام ، ومن خالف فيه لا يعتد بخلافه.
والزنا هو وطئ المرأة في الفرج من غير عقد شرعي ولا شبهة عقد مع العلم بذلك أو غلبة الظن ، وليس كل وطئ حرام زنا ، لأنه قد يطأ في الحيض والنفاس وهو حرام ولا يكون زنا وكذلك لو وجد امرأة على فراشه ، فظنها زوجته أو أمته فوطأها لم يكن ذلك زنا لأنه شبهة.
وقوله (وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ) قال مجاهد وعطاه بن أبي رياح وسعيد بن جبير وابراهيم : معناه لا تمنعكم الرأفة والرحمة من اقامة الحد. وقال
__________________
(١). في التبيان : زوج.