وهو قول سعيد بن المسيب ، وقال : ان عمر قال لابي بكرة : ان تبت قبلت شهادتك ، فأبى أبو بكرة أن يكذب نفسه ، وهو قول مسروق والزهري والشعبي وعطاء وطاوس ومجاهد وسعيد بن جبير وعمر بن عبد العزيز والضحاك ، وهو قول أبي جعفر وأبي عبد الله عليهالسلام ، وبه قال الشافعي من الفقهاء وأصحابه وهو مذهبنا.
وقال الزجاج : يكون تقديره : ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا الا الذين تابوا.
ثم وصفهم بقوله (وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) وقال شريح وسعيد بن المسيب والحسن وابراهيم : الاستثناء من الفاسقين دون قوله (وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً).
وبه قال أهل العراق ، قالوا : فلا يجوز قبول شهادة القاذف أبدا ، ولا خلاف في أنه إذا لم يجد بأن تموت المقذوفة ولم يكن هناك مطالب ثم تاب أنه يجوز قبول شهادته ، وهذا يقتضي من المعنيين على تقدير (وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) في قذفهم مع امتناع قبول شهادتهم الا التائبين منهم. والحد حق للمقذوفة لا يزول بالتوبة.
وقال قوم : توبته متعلقة باكذابه نفسه ، وهو المروي في أخبارنا ، وبه قال الشافعي.
وقال أبو حنيفة : ومتى كان القاذف عبدا أو أمة ، فعليه أربعون جلدة.
وقد روى أصحابنا أن الحد ثمانون في الحر والعبد ، فظاهر العموم يقتضي ذلك ، وبه قال عمر بن عبد العزيز والقاسم بن عبد الرحمن.
فصل : قوله (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ. وَالْخامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ. وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ. وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْها إِنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ) الاية : ٦ ـ ٩.
معنى الاية : ان من قذف محصنة حرة مسلمة بفاحشة من الزنا ولم يأت بأربعة شهداء جلد ثمانين ، ومن رمى زوجته بالزنا تلاعنا.