أخبر الله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ) ويؤثرون «أن تشيع الفاحشة» أي : تظهر الافعال القبيحة (فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) أي : موجع جزاء على ذلك «في الدنيا» باقامة الحد عليه «و» في «الاخرة» بعذاب النار «والله يعلم» ذلك وغيره «وأنتم لا تعلمون» ان الله تعالى يعلم ذلك.
وفي الاية دلالة على أن العزم على الفسق فسق ، لأنه إذا ألزمه الوعيد على محبته بشياع الفاحشة من غيره ، فإذا أحبها من نفسه وأرادها كان أعظم.
فصل : قوله (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) الاية : ٢٣.
قال قوم : هي في عائشة خاصة لما رأوها نزلت فيها توهموا أن الوعيد خاص في من قذفها.
وهذا ليس بصحيح ، وذلك أن عند أكثر العلماء المحصلين أن الاية إذا نزلت على سبب لا يجب قصرها عليه ، كآية اللعان وآية القذف ، وآية الظهار وغير ذلك ومتى حملت على العموم دخل من قذف عائشة في جملتها.
فصل : قوله (الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ) الاية : ٢٦.
قيل في معنى الاية أربعة أقوال :
أحدها : قال ابن عباس ومجاهد والحسن والضحاك : معناه الخبيثات من الكلم للخبيثين من الرجال ، أي : صادرة منهم.
الثاني : في رواية أخرى عن ابن عباس : أن الخبيثات من السيئات للخبيثين من الرجال.
الثالث : قال ابن زيد : الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال ، كأنه ذهب الى اجتماعهما للمشاكلة بينهما.