قوله (فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) وهذا أمر ترغيب ، بلا خلاف عند الفقهاء. وقال عمرو بن دينار وعطاء والطبري : هو واجب عليه إذا طلب.
وصورة المكاتبة أن يقول الإنسان لعبده أو أمته : قد كاتبتك على أن تعطيني كذا وكذا دينارا أو درهما في نجوم معلومة ، على أنك إذا أديت ذلك فأنت حر فيرضى العبد بذلك ويكاتبه عليه ، ويشهد بذلك على نفسه. فمتى أدى مال الكتابة في النجوم التي سماها صار حرا ، وان عجز عن أداء ذلك كان لمولاه أن يرده في الرق.
وعندنا ينعتق منه بحساب ما أدى ، ويبقى مملوكا بحساب ما بقي عليه إذا كانت الكتابة مطلقة ، فان كانت مشروطة فانه متى عجز رده في الرق ، فمتى عجز جاز له رده في الرق.
والخير الذي يعلم منه هو القوة على التكسب وتحصيل ما يؤدي به مال الكتابة.
واختلفوا في الامر بالكتابة مع طلب المملوك لذلك وعلم مولاه أن فيه خيرا فقال عطاء : هو على الفرض.
وقال مالك والثوري وابن زيد : هو على الندب ، وهو مذهبنا.
فصل : قوله (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) الاية : ٣٥.
قيل : في معناه قولان :
أحدهما : الله هادي أهل السماوات والأرض ، ذكره ابن عباس في رواية وأنس.
والثاني : أنه منور السماوات والأرض بنجومها وشمسها وقمرها.
ضرب الله المثل لنوره الذي هو هدايته في قلوب المؤمنين بالمشكاة ، وهي الكوة التي لا منفذ لها إذا كان فيها مصباح وهو السراج.
فقال (يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ) أي : يشتعل من دهن شجرة مباركة وهي