فصل : قوله (خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) الاية : ١٠٧.
الخلود : الكون في الامر أبدا. والدوام : البقاء أبدا ، ولهذا يوصف تعالى بأنه دائم ولا يوصف بأنه خالد.
وقوله «الا ما شاء ربك» اختلفوا في هذا الاستثناء على عدة أقوال ، فالذي نختاره ويليق بمذهبنا في الارجاء ان الله تعالى أخبر أن الأشقياء المستحقين للعقاب يحصلون في النار.
ثم استثنى من أراد من فساق أهل الصلاة إذا أراد التفضل بإسقاط عقابه ، أو من يشفع فيه النبي عليهالسلام ، فعند ذلك لا يدخله النار ، ويكون على هذا «ما» معناها «من» كأنه قال : الا من شاء ربك فلا يدخله النار ، وهو قول ابن عباس وقتادة والضحاك وجابر بن عبد الله وأبي سعيد الخدري وجماعة من المفسرين.
فصل : قوله (وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ) الاية : ١٠٨.
معنى «ما دامت السماوات والأرض» المصدر ، كأنه قال : دوام السماوات والأرض الا مشيئة ربك ، وفيه حسن التقابل ، وفيه جميع ما ذكرناه في الاستثناء من الخلود في النار.
الا الوجهين الذين ذكرناهما في جواز إخراج بعض الأشقياء من تناول الوعيد لهم أو إخراجهم من النار بعد دخولهم فيها ، فان ذلك لا يجوز هاهنا ، لإجماع الامة على أن كل مستحق للثواب لا بد أن يدخل الجنة ولا يخرج منها بعد دخوله.
وقيل : فيه وجه آخر يوافق ما قلناه في الاية الاولى ، وهو أن يكون المعنى أن الذين سعدوا بطاعات الله يدخلون الجنة خالدين فيها.
واستثنى من جملتهم من كان مستحقا للنار وأراد الله عقابهم ، ثم إخراجهم منها