ومعنى (وَقَدِمْنا) قال البلخي : قدم أحكامنا بذلك. وقال مجاهد : معنى (قَدِمْنا) عمدنا.
والهباء غبار كالشعاع لا يمكن القبض عليه. وقال الحسن ومجاهد وعكرمة : هو غبار يدخل الكوة في شعاع الشمس.
وقوله (أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلاً) معناه : ان الذين يحصلون في الجنة مثابين منعمين في ذلك اليوم مستقرهم خير من مستقر الكفار في الدنيا والاخرة.
وقيل : انما قال ذلك على وجه المظاهرة ، بمعنى أنه لو كان لهم مستقر خير ومنفعة لكان هذا خيرا منه.
(وَأَحْسَنُ مَقِيلاً) معناه : أحسن موضع قائله وان لم يكن في الجنة نوم الا أنه من تمهيده يصلح للنوم ، لأنهم خوطبوا بما يعرفون ، كما قال (وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا) (١) على ما اعتادوه.
وقال البلخي : معنى (خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلاً) أنه خير في نفسه وحسن في نفسه لا أنه أفضل من غيره ، كما قال (وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) (٢) أي : هو هين عليه.
فصل : قوله (وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ) الاية : ٣١.
قيل : فيه قولان :
أحدهما : قال ابن عباس : جعل لمحمد عليهالسلام عدوا من المجرمين ، كما جعل لمن قبله.
والثاني : كما جعلنا النبي يعادي المجرم مدحا له وتعظيما ، كذلك جعلنا المجرم يعادي النبي ذما له وتحقيرا. والمعنى ان الله تعالى حكم بأنه على هذه الصفة.
__________________
(١). سورة مريم : ٦٢.
(٢). سورة الروم : ٢٧.