ومعنى الخبء ما يخرجه من العدم الى الوجود ، فهو بهذه المنزلة ، فخبأ السماء الأمطار والرياح ، وخبأ الأرض النبات والأشجار.
فصل : قوله (اذْهَبْ بِكِتابِي هذا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ ما ذا يَرْجِعُونَ) الاية : ٢٨.
قيل : في الكلام تقديم وتأخير ، وتقديره : فألقه اليهم فانظر ما ذا يرجعون ، ثم تول عنهم. وهذا لا يحتاج اليه ، لان الكلام صحيح على ما هو عليه من الترتيب.
والمعنى : فألقه اليهم ثم تول عنهم قريبا فانظر ما ذا يرجعون ، على ما قال وهب بن منبه وغيره ، فإنهم قالوا : معنى (تَوَلَّ عَنْهُمْ) استتر منهم.
ومعنى «كتاب كريم» قيل : انه كان مختوما ، فلذلك وصفه بأنه كريم.
وقيل : أرادت بكريم أنه من كريم يطيعه الانس والجن والطير.
فصل : قوله (قالَتْ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي ما كُنْتُ) الاية : ٣٢.
أي : أشيروا علي. والفتيا هي الحكم بما هو صواب بدلا من الخطأ ، وهو الحكم بما يعمل عليه ، كما يسأل العامي العالم ليعمل على ما يجيبه به.
ثم حكى أنها قالت (إِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ) فأدبر الامر في ذلك لا نظر ما عند القوم فيما يلتمسون من خير أو شر.
وقيل : انها أرسلت بوصائف وغلمان على زي واحد ، فقالت : ان ميز بينهم ورد الهدية إباء الا المتابعة على دينه فهو نبي ، وان قبل الهدية فإنما هو من الملوك وعندنا ما يرضيه ، ذكره ابن عباس.
فصل : قوله (قالَ يا أَيُّهَا الْمَلَؤُا أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ. قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ. قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ) الاية : ٣٨ ـ ٤٠.