ومنه اشتقاق المزدلفة ، لازدلاف الناس اليه منزلة من عرفات.
فصل : قوله (وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ما أُتْرِفُوا) الاية : ١١٦.
معنى (أُتْرِفُوا فِيهِ) أي : عودوا الترفه بالنعيم واللذة ، وذلك أن الترفه عادة النعمة ، قال الشاعر :
يهدي رؤوس المترفين الصداد |
|
الى أمير المؤمنين الممتار |
أي : المسئول فأبطرتهم (١) النعمة حتى طغوا وبغوا.
وفي الاية دلالة على وجوب النهي عن المنكر ، لأنه تعالى ذمهم بترك النهي عن الفساد ، وأنه نجى القليل بنهيهم ، فلو نهى الكثير كما نهى القليل لما أهلكوا.
ومعنى «أولي بقية» أصحاب جماعة تبقى من تسألهم والبقية ممدوحة ، يقال : في فلان بقية ، أي : فيه فضل وخير كأنه قيل : بقية خير من الخير الماضي.
فصل : قوله (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) الاية : ١١٨.
هذه الاية تتضمن الاخبار عن قدرته تعالى بأنه لو شاء تعالى لجعل الناس أمة واحدة ، أي : على دين واحد كما قال (إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ) (٢) وقال (وَلَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً) (٣) أي : على دين واحد ، بأن يلجئهم الى الإسلام ، بأن يخلق في قلوبهم العلم بأنهم لو راموا غير ذلك لمنعوا منه.
لكن ذلك ينافي التكليف ويبطل الغرض بالتكليف لان الغرض به استحقاق الثواب ، والإلجاء يمنع من استحقاق الثواب.
وقوله «ولا يزالون مختلفين» معناه : في الأديان كاليهود والنصارى والمجوس
__________________
(١). في التبيان : وأبطر بهم.
(٢). سورة الزخرف : ٢٢.
(٣). سورة الزخرف : ٣٣.