لكزه ولهزه (فَقَضى عَلَيْهِ) أي : مات.
فقال عند ذلك موسى (هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ) أي : من اغوائه حتى زدت من الإيقاع به وان لم أقصد قتله.
وقيل : ان الكناية عن المقتول ، فكأنه قال : ان المقتول من عمل الشيطان أي عمله عمل الشيطان ، ثم وصف الشيطان بأنه عدو للبشر.
فصل : قوله (قالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) الاية : ١٦.
حكى الله تعالى عن موسى أنه حين قتل القبطي ندم على ذلك ، وقال : يا رب اني ظلمت نفسي بقتله وسأله أن يغفر له ، وعند أصحابنا أن قتله القبطي لم يكن قبيحا وكان الله قد أمره بقتله ، لكن الاولى تأخيره الى وقت آخر لضرب من المصلحة ، فلما قدم قتله كان ترك الاولى والأفضل ، فاستغفر من ذلك ، لا أنه فعل قبيحا.
وقوله (رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي) على الوجه الاولى ، أي : بخست نفسي حقها بأن لم أفعل ما كنت أستحق به ثوابا زائدا ، وعلى المذهب الثاني من يقول بالموازنة يقول : لأنه نقص من ثوابه ، فكان بذلك ظالما نفسه.
فأما من قال : ان ذلك كان كبيرة منه وظلما فخارج عما نحن فيه ، لان أدلة العقل دلت على أن الأنبياء لا يجوز عليهم شيء من القبائح ، لا كبيرها ولا صغيرها.
قوله (فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ) أي : يطلب نصرته ، فقال له موسى (إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ) أي : عادل عن الرشد ظاهر الغواية ، ومعناه : انك لغوي في قتالك من لا تطيق رفع شره عنك من أصحاب فرعون خائب فيما تقدر.
فصل : قوله (فَأَوْقِدْ لِي يا هامانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلى إِلهِ مُوسى) الاية : ٣٨.