صبروا في جنب الله مرتين : أحدهما لفعلهم الطاعة. والثاني : للصبر عليها لما يوجبه العقل من التمسك بها.
والصبر حبس النفس عما ينازع اليه مما لا يجوز أن يتخطئ اليه ، ولذلك مدح الله الصابرين. والصبر على الحق مر الا أن يؤدي الى الثواب الذي هو أحلى من الشهد.
فصل : قوله (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) الاية : ٥٦.
هذه الاية نزلت لان النبي صلىاللهعليهوآله كان يحرص على ايمان قومه ويوثر أن يؤمنوا كلهم ، ويجب أن ينقادوا له ويقروا بنبوته وخاصة أقاربه ، فقال الله تعالى له : انك لا تقدر على ذلك ، ولا في مقدورك ما تلطف لهم في الايمان ، بل ذلك في مقدور الله يفعله بمن يشاء إذا علم أنهم يهتدون عند شيء فعل بهم ، فلا ينفع حرصك على ذلك.
وروي عن ابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة وغيرهم أنها نزلت في أبي طالب ، وعن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهماالسلام أن أبا طالب مات مسلما ، وعليه اجماع الامامية لا يختلفون فيه ، ولها على ذلك أدلة قاطعة موجبة للعلم ليس هذا موضع ذكرها.
ثم قال حاكيا عن الكفار أنهم قالوا : ان نتبع محمدا وما يدعونا اليه ، ونقول انه هدى وموصل الى الحق «نتخطف من أرضنا» فقال الله لهم (أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً).
وقيل : في وجه جعله الحرم آمنا وجهان : أحدهما ـ بما طبع النفوس عليه من السكون اليه وترك النفور مما ينفر عنه في غيره ، كالغزال مع الكلب والحمام مع الناس وغيرهم ، والوجه الاخر بما حكم به على العباد وأمرهم أن يؤمنوا من