أي : الحياة على الحقيقة ، لكونها دائمة باقية لو كانوا يعلمون صحة ما أخبرناك به. وقال أبو عبيدة : الحيوان والحياة واحد.
سورة الروم
فصل : قوله (الم. غُلِبَتِ الرُّومُ. فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ) الاية : ١ ـ ٣.
السبب في ذلك معروف ، وهو أن الروم لما غلبهم فارس فرح مشركوا قريش بذلك ، من حيث أن أهل فارس لم يكونوا أهل كتاب وساء ذلك المسلمين فأخبر الله تعالى أن الروم وان غلبهم فارس ، فان الروم ستغلب فيما بعد فارس.
«في بضع سنين» أي : فيما بين ثلاث الى عشر ، والبضع القطعة من العدد ما بين الثلاث الى العشر ، اشتقاقه من بضعته إذا قطعته تبضيعا ، ومنه البضاعة القطعة من المال تدور في التجارة.
وقال المبرد : البضع ما بين العقدين في جميع الاعداد.
ثم أخبر تعالى بأن لله الامر من قبل ومن بعد ، تقديره : من قبل غلبهم ومن بعد غلبهم ، فكان كما أخبر ، وكان ذلك معجزة ظاهرة باهرة للنبي عليهالسلام.
وروي أن سبب ذلك أن الروم لما غلبتها فارس فرح المشركون بذلك وقالوا : أهل فارس لا كتاب لهم غلبوا أهل الروم وهم أهل كتاب ، فنحن لا كتاب لنا نغلب محمدا الذي معه كتاب ، فأنزل الله تعالى هذه الآيات تسلية للنبي والمؤمنين ، وأن الروم وان غلبها فارس ، فإنها ستغلب فارس فيما بعد.
فصل : قوله (وَعْدَ اللهِ لا يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ. يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ) الاية : ٦ ـ ٧.
معنى (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) صحة ما أخبرنا به لجهلهم بالله وتفريطهم