في النظر المؤدي الى معرفته.
ولا يناقض قوله (لا يَعْلَمُونَ) لقوله (يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا) لان ذلك ورد مورد المبالغة لهم بالذم ، لتضييعهم علم (١) ما يلزمهم من أمر الله ، كأنهم لا يعلمون شيئا. ثم بين حالهم فيما عقلوا عنه وما علموه.
ومعنى (يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا) أي : عمران الدنيا متى يزرعون؟ ومتى يحصدون؟ وكيف يبنون؟ ومن أين يعيشون؟ وهم جهال بحال الاخرة وله مضيعون ، ذكره ابن عباس. أي : عمروا الدنيا وأخربوا الاخرة.
والغفلة ذهاب المعنى عن النفس كحال النائم ، ونقيضه اليقظة وهي حضور المعنى للنفس كحال المنتبه ، ونقيضه السهو.
ثم قال (فَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ) بأن يهلكهم من غير استحقاق ابتداء.
وفي ذلك بطلان قول المجبرة : ان الله يبتدأ خلقه بالهلاك.
ثم قال (وَلكِنْ كانُوا) هم (أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) بأن جحدوا نعم الله.
ثم أخبر تعالى أنه الذي (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ) قال ابن عباس وابن مسعود : معناه يخرج الإنسان وهو الحي من النطفة وهي الميتة ، ويخرج الميتة وهي النطفة من الإنسان وهي حي.
وقال قتادة : يخرج المؤمن من الكافر ، والكافر من المؤمن.
فصل : قوله (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها) الاية : ٢١.
قال قتادة : المعنى هاهنا أنه خلقت حواء من ضلع آدم. وقال غيره : المعنى خلق لكم من شكل أنفسكم أزواجا. وقال الجبائي : المعنى خلق أزواجكم من نطفكم.
__________________
(١). في التبيان : على.