عباس. وأصل الصعر داء يأخذ الإبل في أعناقها حتى تلتفت أعناقها ، فتشبه به الرجل المتكبر على الناس ، قال الشاعر وهو الفرزدق :
وكنا إذا الجبار صعر خده |
|
أقمنا له من مثله فتقوما |
(وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً) أي : مختالا متكبرا.
(إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ) فالاختيال مشية البطر. وقال مجاهد : المختال المتكبر ، والفخر ذكر المناقب للتطاول بها على السامع ، يقال : فخر يفخر فخرا وفاخره مفاخرة ثم أخبر (إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) قال الفراء : معناه ان أشد الأصوات. وقال غيره : أقبح الأصوات ، في قول مجاهد.
فصل : قوله (أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آياتِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) الاية : ٣١.
معناه : ألم تعلم أن الفلك وهي السفن تجري في البحر بنعمة الله عليكم ليريكم بعض أدلته الدالة على وحدانيته.
ووجه الدلالة في ذلك : أن الله تعالى يجري الفلك بالرياح التي يرسلها في الوجوه التي تريدون المسير فيها.
ولو اجتمع جميع الخلق أن يجروا الفلك في بعض الجهات مخالفا لجهة الرياح لما قدروا عليه ، وفي ذلك أعظم دلالة على أن المجري لها بالرياح هو القادر الذي لا يعجزه شيء ، وذلك بعض أدلته التي تدل على وحدانيته.
قوله (فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ) قال قتادة : يعني منهم مقتصد في قوله مضمر لكفره. وقال الحسن : المقتصد المؤمن.
وقوله (وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ) فالختار الغدار بعهده أقبح الغدر وهو صاحب ختل وختر ، أي غدر ، وقال عمرو بن معدي كرب :
فإنك لو رأيت أبا عميرة |
|
ملات يديك من غدر وختر |