به بين الحسن والقبيح ، ثم يجري على كل ما يعقله الإنسان في نفسه من المعاني.
وفي الاية دلالة على أن كلام الله محدث ، لأنه وصفه بالانزال وبأنه عربي ، ولا يوصف بذلك القديم. وفيه دلالة على أن القرآن غير الله ، لأنه وصفه بأنه عربي ومن زعم أن الله عربي كفر وما كان غير الله فهو محدث.
فصل : قوله (إِذْ قالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً) الاية : ٤.
انما أعاد ذكر (رَأَيْتُهُمْ) لامرين :
أحدهما للتوكيد حيث طال الكلام.
الثاني : ليدل أنه رآهم ورأى سجودهم.
وفي معنى سجودهم له قيل : قولان :
أحدهما : هو السجود المعروف على الحقيقة تكرمة له لا عبادة له.
والثاني : الخضوع له في قول أبي علي ، كما قال الشاعر :
ترى الاكم فيه سجدا للحوافر
وهو ترك الظاهر ، وقال الحسن : الأحد عشر كوكبا اخوته ، والشمس والقمر أبواه. وانما قال «ساجدين» بالياء والنون ، وهو جمع ما يعقل لأنه لما وصفها بفعل ما يعقل من السجود أجرى عليها صفات ما يعقل ، كما قال (يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ) (١) لما أمروا أمر من يعقل.
فصل : قوله تعالى (قالَ يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ) الاية : ٥.
انما صغر (بُنَيَّ) مع عظم منزلته ، لأنه قصد بذلك صغر السن ، ولم يقصد به تصغير الذم. والرؤيا تصور المعنى في المنام على توهم الأبصار ، وذلك أن العقل مغمور بالنوم ، فإذا تصور الإنسان المعنى توهم أنه يراه.
فصل : قوله (وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ) الاية : ٦.
__________________
(١). سورة النمل : ١٨.