وقال ابن عباس : الذين أورثهم الله الكتاب هم أمة محمد ورثهم الله كل كتاب أنزله ، فظالمهم يغفر له ، ومقتصدهم يحاسبهم حسابا يسيرا ، وسابقهم يدخلون الجنة بغير حساب ، وبه قال ابن مسعود وكعب الأحبار. ومعنى الإرث انتهاء الحكم اليهم.
سورة يس
فصل : قوله (لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ فَهُمْ غافِلُونَ) الآيات : ٦ ـ ٨.
معناه : أنه أنزل القرآن ليخوف به من معاصي الله قوما لم ينذر آباؤهم. قيل : أراد به قريشا أنذروا بنبوة محمد.
وقيل : في معناه قولان :
أحدهما : قال عكرمة : معناه لتنذر قوما مثل الذي أنذر آباؤهم.
الثاني : قال قتادة : معناه لتنذر قوما لم تنذر آباؤهم قبلهم ، يعني في زمان الفترة بين عيسى ومحمد عليهماالسلام (فَهُمْ غافِلُونَ) عما تضمنه القرآن وعما أنذر الله به من نزول العذاب.
ومثل الغفلة السهو ، وهو ذهاب المعنى عن النفس ، ومثله النسيان ، وهو ذهاب الشيء عن النفس بعد حضوره فيها.
وقوله (فَهُمْ مُقْمَحُونَ) فالمقمح الغاض بصره بعد رفع رأسه.
وقيل : هو المقنع ، وهو الذي يجذب ذقنه حتى يصير في صدره ثم يرفع والقمح من هذا رفع الشيء الى الفم ، والبعير القامح هو الذي إذا أورد الماء في الشتاء رفع رأسه وشال به نصبا لشدة البرد ، قال الشاعر :
ونحن على جوانبها قعود |
|
نغض الطرف كالإبل القماح (١) |
__________________
(١). اللسان «قمح».