الموتة (١) بين الحالين.
ويحتمل لو كان متصلا أن يكون ذلك عبارة عن عظم ما يشاهدونه ويحصلون (٢) فيه يوم القيامة : فكأنهم كانوا قبل ذلك في مرقد ، وان كانوا في عذاب لما كان قليلا بالاضافة الى الحاصل.
فصل : قوله (وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيراً) الآيات : ٦٢ ـ ٦٥.
يعني : أضل عن الدين الشيطان (مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيراً) أي : خلقا كثيرا ، وإضلاله إياهم هو اغواؤه لهم ، كما أضل السامري قوم موسى لما دعاهم الى عبادة العجل فكان الإضلال على هذا الوجه قبيحا.
فأما إضلال الله تعالى للكفار عن طريق الجنة الى طريق النار ، أو اضلالهم بمعنى الحكم عليهم بالضلال ، فهو حسن. وأمر الشيطان بالضلال الذي يقع معه القبول إضلال ، كما يسمى الامر بالاهتداء الذي يقع عنده القبول هدى.
وفي الاية دلالة على بطلان مذهب المجبرة في ارادة الله تعالى اضلالهم ، لان ذلك أضر عليهم من ارادة الشيطان وأشد عليهم في إيجاب العداوة.
ثم أخبر تعالى بأنه يختم على أفواه الكفار يوم القيامة ، فلا يقدرون على الكلام والنطق (وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) وقيل : في معنى شهادة الأيدي قولان :
أحدهما : أن الله تعالى يخلقها خلقة يمكنها أن تتكلم وتنطق وتعترف بذنوبها.
والثاني : أن يجعل الله فيها كلاما ونسبه اليها لما ظهر من جهتها.
وقال قوم : انه يظهر فيها من الامارات ما يدل على أن أصحابنا عصوا بها وجنوا بها أقبح الجنايات ، فسمى ذلك شهادة ، كما يقول القائل : عيناك تشهد
__________________
(١). في التبيان : النومة.
(٢). في التبيان : ويحضرون.