فأما ما يروونه من أن النبي عليهالسلام قال : ما كذب أبي ابراهيم الا ثلاث كذبات يحاجز بها عن ربه : قوله (إِنِّي سَقِيمٌ) ولم يكن كذلك ، وقوله (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ) وقوله في سارة انها اختي وكانت زوجته.
فأول ما فيه أنه خبر واحد لا يعول على مثله ، والنبي عليهالسلام أعرف بما يجوز على الأنبياء وما لا يجوز من كل أحد. وقد دلت الادلة العقلية على أن الأنبياء لا يجوز أن يكذبوا فيما يؤدونه عن الله ، من حيث أنه كان يؤدي الى أن لا يثق بشيء من أخبارهم ، والى أن لا تنزاح علة المكلفين ، ولا في غير ما يؤدونه عن الله ، من حيث أن تجويز ذلك ينفر عن قبول قولهم ، فاذن يجب أن يقطع على أن الخبر لا أصل له.
ولو سلم لجاز أن يكون المعنى ما ظاهره الكذب ، وان لم يكن في الحقيقة كذبا ، لان قوله (إِنِّي سَقِيمٌ) قد بينا الوجه فيه. وقوله (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ) بيناه في موضعه.
وقوله في سارة انها أختي معناه انها اختي في الدين وقد قال تعالى (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) (١) فجعلهم اخوة وان لم يكونوا بني أب واحد.
فصل : قوله (فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ) الآيات : ٩٣ ـ ١٠١.
قيل : في معناه قولان :
أحدهما : أنه مال عليهم بيده اليمنى ، لأنها أقوى على العمل من الشمال.
الثاني : بالقسم ليكسرنها ، لأنه كان قال (وَتَاللهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ) (٢).
وقال الفراء : اليمين القوة. ومنه قول الشاعر :
تلقاها عرابة باليمين
__________________
(١). سورة الحجرات : ١٠.
(٢). سورة الأنبياء : ٥٧.