عن علي عليهالسلام أيضا.
وقوله (وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ) وانما قال (أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ) لأنه أراد بذلك الواجبات والنفل التي هي الطاعات دون المباحات والمقبحات التي لا يأمر بها.
وقال قوم : (أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ) يريد به الناسخ دون المنسوخ وهذا خطأ ، لان المنسوخ لا يجوز العمل به بعد النسخ وهو قبيح ، ولا يكون الحسن أحسن من قبيح.
وقال الحسن : أحسنه أن يأخذوا بما أمرهم الله به وأن ينتهوا عما نهاهم عنه.
فصل : قوله (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ) الآيات : ٥٦ ـ ٥٩.
النفس نفس الإنسان. والفرق بين النفس والروح أن النفس من النفاسة والروح من الريح ، فأنفس ما في الحيوان نفسه ، وهو جسم رقيق روحاني من الريح ، ونفس الشيء هو الشيء بعينه.
والتفريط إهمال ما يجب أن يتقدم فيه حتى يفوت وقته ، ومثله التقصير ، وضده الأخذ بالحزم ، يقال : فلان حازم وفلان مفرط.
وقوله (فِي جَنْبِ اللهِ) معناه : فرطت في طاعة الله ، أو في أمر الله الا أنه ذكر الجنب ، كما يقال : هذا صغير في جنب ذلك الماضي ، أي : في أمره وفي جهته ، وإذا ذكر هذا دل على الاختصاص به من وجه قريب من معنى صفته (١).
وقوله (وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ) قال قتادة والسدي : معناه المستهزئين بالنبي والكتاب الذي معه. وقيل : معناه كنت ممن يسخر بمن يدعوني الى الايمان.
وقوله (أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ بَلى
__________________
(١). في التبيان : جنبه.