ويحتمل أن يكون المراد بالظالمين الكفار ، فهؤلاء لا يلحقهم شفاعة شافع أصلا. وان حملنا على عموم كل ظالم من كافر ومؤمن ، جاز أن يكون انما أراد نفي شفيع يطاع ، وليس في ذلك نفي شفيع يجاب.
ويكون المعنى ان الذين يشفعون يوم القيامة من الأنبياء والملائكة والمؤمنين انما يشفعون على وجه المسألة اليه والاستكانة اليه ، ولذلك قال النبي عليهالسلام لبريرة انما أنا شافع ، فكونه فوقها في الرتبة لم يمنع من اطلاق اسم الشفاعة على سؤاله.
فصل : قوله (وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ. وَيا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ) الآيات : ٣١ ـ ٣٣.
أخبر أنه تعالى لا يريد ظلما لعباده ولا يؤثره لهم ، وذلك دال على فساد قول المجبرة الذين يقولون ان كل ظلم في العالم بارادة الله.
و «يوم التناد» قيل : هو اليوم الذي ينادي بعض الظالمين بعضا بالويل والثبور ، لما يرى من سوء عاقبة الكفر والمعصية له.
وقيل : انه اليوم الذي ينادي أصحاب الجنة أصحاب النار (أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا) (١) وينادي أصحاب النار أصحاب الجنة (أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ) (٢).
فصل : قوله (وَقالَ فِرْعَوْنُ يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً) الآيات : ٣٦ ـ ٣٧.
قيل : ان هارون أول من طبخ الأجر لبناء الصرح ، والصرح البناء العالي الظاهر الذي لا يخفى على الناظر وان بعد ، وهو من التصريح بالأمر ، وهو إظهاره بأتم الاظهار.
__________________
(١). سورة الاعراف : ٤٣.
(٢). سورة الاعراف : ٤٩.