لان الله تعالى يغضب على العصاة بمعنى يريد عقابهم ، ويرضى عن المطيعين بأن يريد ثوابهم بما يستحقونه من طاعاتهم ومعاصيهم.
وقوله (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ) المثل بيان عن أن حال الثاني كحال الاول بما قد صار في الشهرة كالعلم.
وقوله (يَصِدُّونَ) بكسر الصاد وضمها وقد قرئ بهما. وقيل : معنى «يصدون» بكسر الصاد يضجون ، أي : ضجوا سرورا منهم. ومن ضمها أراد يعرضون.
وقوله (ما ضَرَبُوهُ) يعني : المسيح مثلا (إِلَّا جَدَلاً) أي : خصومة ودفعا لك عن الحق ، لان المجادلة لا تكون الا وأحد المجادلين مبطلا. والمناظرة قد تكون بين المحقين ، لأنه قد يعارض ليظهر الحق.
ثم قال تعالى (بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ) أي : جدلون في دفع الحق بالباطل.
فصل : قوله (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِها) الآيات : ٦١ ـ ٦٣.
الضمير في قوله (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ) يحتمل أن يكون راجعا الى عيسى عليهالسلام لان ظهوره يعلم به مجيء الساعة ، لأنه من أشراطها ، وهو قول ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك والسدي وابن زيد.
وقيل : انه عليهالسلام يعود غير مكلف في دولة المهدي عليهالسلام ، وان كان التكليف باقيا على أهل ذلك الزمان.
وقوله (قالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ) قال قوم : البعض هاهنا يراد به الكل ، كأنه قال : ولا بين لكم جميع ما تختلفون فيه. وقيل : أراد به من أمر دينكم دون أمر دنياكم.
والاختلاف أصل كل عداوة. والوفاق أصل كل ولاية ، لان الخلاف يوجب البغضة.
فصل : قوله (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ) الاية : ٧٠.