(تُحْبَرُونَ) أي : تسرون فيها. والحبور السرور الذي يظهر في الوجه أثره ، وحبرته حسنته بما يظهر أثر السرور به.
وقال قتادة وابن زيد : معنى (تُحْبَرُونَ) تنعمون وقال السدي : معناه تكرمون.
فصل : قوله (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذابِ جَهَنَّمَ خالِدُونَ. لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ) الاية : ٧٤ ـ ٧٥.
أي : آيسون من رحمة الله وفرجه ، وهو قول قتادة.
والإبلاس اليأس من الرحمة مع شدة الحيرة ، يقال : أبلس فلان إذا تحير عند انقطاع الحجة.
فصل : قوله (قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ) الآيات : ٨١ ـ ٨٥.
قيل : في معنى قوله (قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ) أقوال :
أحدها : فأنا أول الانفين من عبادته ، لان من كان له ولد لا يكون الا جسما محدثا ، ومن كان كذلك لا يستحق العبادة ، لأنه لا يقدر على النعم التي يستحق بها العبادة ، تقول العرب : عبدت فصمت ، قال الفرزدق :
واعبد أن يهجى كليب بدارم
وقال آخر :
ألا هذيت أم الوليد وأصبحت |
|
لما أبصرت في الرأس مني تعبد |
الثاني : ما قاله ابن زيد بن أسلم وقتادة : ان «ان» بمعنى «ما» وتقديره : ما كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين لله.
الثالث : هو أنه لو كان له ولد لعبدته على ذاك ، كما تقول : لو دعت الحكمة الى عبادة غير الله لعبدته ، لكنها لا تدعو الى عبادة غيره ، وكما تقول : لو دل الدليل على أن له ولدا لقلت به لكنه لا يدل ، فهذا تحقيق نفي الولد ، لأنه تعليق محال بمحال.