انما لم يجز على الله تعالى الولد ، لأنه لا يخلو أن يضاف اليه الولد حقيقة أو مجازا ، وحقيقة أن يكون مخلوقا من مائه أو مولودا على فراشه ، وذلك يستحيل عليه تعالى. ومجازه أن يضاف اليه على وجه التبني ، وانما يجوز ذلك في من يجوز عليه حقيقته ، ألا ترى أنه لا يقال : تبنى شاب شيخا لما لم يمكن أن يكون له ولدا له حقيقة ، وان جاز أن يضاف الى شيخ شاب أنه تبناه لما كانت حقيقته مقدرة فيه.
وانما جاز أن يقال : روح الله ، ولم يجز أن يقال : ولد الله ، لان روح الله بمعنى ملك الله للروح ، وانما أضيف اليه تشريفا ، وان كانت الأرواح كلها لله ، بمعنى أنه مالك لها ولا تعارف مثل ذلك في الولد.
ثم قال (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ) أي : تحق له العبادة في السماء وتحق له العبادة في الأرض. وانما كرر لفظ (إِلهٌ) في قوله (وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ) لاحد أمرين :
أحدهما : للتأكيد ليتمكن المعنى في النفس لعظمه في باب الحق.
الثاني : أن المعنى هو في السماء اله يجب على الملائكة عبادته ، وفي الأرض اله يجب على الآدميين عبادته.
وقوله (تَبارَكَ) هو مأخوذ من الثبوت ، ومعناه جل الثابت الذي لم يزل ولا يزال. وقيل : معناه جل الذي عمت بركة ذكره.
سورة الدخان
فصل : قوله (رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ) الاية : ٧.
يجوز أن يكون المراد ان كنتم موقنين ، أي : ان كنتم ممن يطلب اليقين فهذا طريقه ، واليقين ثلج الصدر بالعلم ، وهو حال يجده الإنسان من نفسه عند