البدع الاول في الامر ، يقال : هو بدع من قوم أبداع ، قال عدي بن زيد :
فلا أنا بدع من حوادث تعتري |
|
رجالا عرت من بعد موسى (١) وأسعد |
وقال ابن عباس ومجاهد وقتادة : معناه ما كنت بأول رسول بعث.
وقوله (ما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ) قال الحسن : معناه لا أدري ما يأمرني الله تعالى فيكم من حرب أو سلم أو تعجيل عقابكم أو تأخيره.
وقوله (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) يحتمل أمرين :
أحدهما : أنهم لا يهديهم الى الجنة لاستحقاقهم العقاب.
والثاني : أنه لا يحكم بهداهم لكونهم ضلالا ظالمين ، ولا يجوز أن يكون المراد لا يهديهم الى طريق الحق لأنه تعالى هدى جميع المكلفين ، بأن نصب لهم الادلة على الحق ودعاهم الى اتباعه ورغبهم في فعله وقد قال (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى) (٢) فبين أنه هداهم الى الحق ، وان اختاروا هم الضلال.
فصل : قوله (قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ) الاية : ١٥.
الإيزاع المنع من الانصراف عن الشيء ، فايزاع الشكر المنع من الانصراف عنه باللطف ، ومنه قولهم : يزع الله بالسلطان ما لا يزع بالقرآن ، قال النابغة : «والشيب وازع» أي : مانع.
وقيل : ايزاع الشكر الهام الشكر. وقيل : الإغراء بالشكر.
فصل : قوله (أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا) الاية : ١٦.
يعني : ما يستحق به الثواب من الواجبات والمندوبات ، لان المباحات وان كانت حسنة لا يستحق بها الثواب ولا توصف بأنها متقبلة ، لأنه لا يتقبل الا ما ذكرناه
__________________
(١). في التبيان : بؤس.
(٢). سورة فصلت : ١٧.