فصل : قوله (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ») الاية : ١٩.
الخطاب له والمراد به الامة ، لأنه عليهالسلام لا ذنب له يستغفر منه ، ويجوز أن يكون ذلك على وجه الانقطاع اليه.
ثم قال (وَاللهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْواكُمْ) أي : الموضع الذي تتقلبون فيه ، وكيف تتقلبون وموضع استقراركم ، لا يخفى عليه شيء من أعمالكم طاعة كانت أو معصية.
فصل : قوله (أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ. أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها) الاية : ٢٣ ـ ٢٤.
أي : سماهم عميا وصما وحكم عليهم بذلك ، لأنهم بمنزلة الصم والعمي من حيث لم يهتدوا الى الحق ولا أبصروا الرشد ، ولم يرد الاصمام في الجارحة والاعماء في العين ، لأنهم كانوا بخلافه صحيحي العين صحيحي السمع.
ثم قال موبخا لهم (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها) معناه : أفلا يتدبرون القرآن بأن يتفكروا فيه ويعتبروا به أم على قلوب (١) قفل يمنعهم من ذلك تنبيها لهم على أن الامر بخلافه ، وليس عليها ما يمنع من التدبر والتفكر والتدبر والنظر في موجب الامر وعاقبته ، وعلى هذا دعاهم الى تدبر القرآن.
وفي ذلك حجة على بطلان قول من يقول : لا يجوز تفسير شيء من ظاهر القرآن الا بخبر وسمع.
وفيه تنبيه على بطلان قول الجهال من أصحاب الحديث أنه ينبغي أن يروى الحديث على ما جاء ، وان كان مختلا في المعنى ، لان الله تعالى دعا الى التدبر والتفقه ، وذلك مناف للتعامي والتجاهل.
ثم قال (إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ) أي : رجعوا عن الحق والايمان
__________________
(١). في التبيان : قلوبهم.