ففرقوا بينهما وان كان اللسان واحدا.
وقوله (وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً) البور الفاسد. وقال مجاهد : البور الهالكون.
فصل : قوله (قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللهُ أَجْراً حَسَناً وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً) الآيات : ١٦ ـ ٢٠.
يقول الله تعالى لنبيه قل لهؤلاء المخلفين الذين تخلفوا عنك من الخروج الى الحديبية (سَتُدْعَوْنَ) فيما بعد (إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ) وقال ابن عباس : أولوا البأس الشديد أهل فارس. وقال ابن أبي ليلى والحسن : هم الروم.
وقال سعيد بن جبير وعكرمة وقتادة : هم هوازن بحنين.
وقال الزهري : هم بنو حنيفة مع مسيلمة الكذاب وكانوا بهذه الصفة.
واستدل جماعة من المخالفين بهذه الاية على امامة أبي بكر من حيث أن أبا بكر دعاهم الى قتال بني حنيفة ، وعمر دعاهم الى قتال فارس والروم ، وكانوا قد حرموا القتال مع النبي عليهالسلام ، بدليل قوله (لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا).
وهذا الذي ذكروه غير صحيح من وجهين :
أحدهما : أنه غلط في التاريخ ووقت نزول الاية.
والثاني : أنه غلط في التأويل ، ونحن نبين فساد ذلك أجمع ، ولنا في الكلام في تأويل الاية وجهان :
أحدهما : أن ينازع في اقتضائها داعيا يدعو هؤلاء المخلفين غير النبي ويبين أن الداعي لهم فيما بعد كان النبي عليهالسلام ، على ما حكيناه عن قتادة وسعيد بن جبير