في أن الاية نزلت في أهل حنين (١) ، وكان النبي عليهالسلام هو الداعي الى ذلك.
والاخر : أن يسلم أن الداعي غيره ، ونبين أنه لم يكن أبا بكر ولا عمر ، بل كان أمير المؤمنين.
فأما الوجه الاول فظاهر ، لان قوله (سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرابِ) الى قوله (وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً) قد بينا أنه أراد به الذين تخلفوا عن الحديبية بإجماع المفسرين.
ثم قال (سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ) الى آخر الاية ، بين أن هؤلاء المخلفين سألوا أن يخرجوا الى غنيمة خيبر ، فمنعهم الله ذلك وأمر نبيه بأن يقول لهم «قل لن تتبعونا» الى هذه الغزاة (٢) ، لأنه تعالى كان حكم من قبل بأن غنيمة خيبر لمن شهد الحديبية ، وأنه لاحظ فيها لمن لم يشهدها ، وهذا هو معنى قوله (يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللهِ) وقوله (كَذلِكُمْ قالَ اللهُ مِنْ قَبْلُ).
ثم قال (قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ) وانما أراد أن الرسول سيدعونهم فيما بعد الى قتال بهذه الصفة ، وقد دعاهم بعد ذلك الى غزوات كثيرة.
وقال قوم : أولي بأس شديد ، كمؤتة وحنين وتبوك وغيرها ، فمن أين يجب أن يكون الداعي لهم غير النبي عليهالسلام.
فأما قولهم ان معنى (كَذلِكُمْ قالَ اللهُ مِنْ قَبْلُ) هو أنه أراد قوله (فَإِنْ رَجَعَكَ اللهُ إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا) فهو الغلط (٣) الفاحش في التاريخ.
__________________
(١). في التبيان : خيبر.
(٢). في التبيان : القرية.
(٣). في التبيان : مملؤ بالغلط.