(فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ) يعني : على المؤمنين ، والسكينة الصبر لقوة البصيرة.
والشجرة التي بايعوا تحتها هي السمرة.
واستدل بهذه الاية جماعة على فضل أبي بكر ، فانه لا خلاف أنه كان من المبايعين تحت الشجرة ، وقد ذكر الله أنه رضي عنهم وأنه أنزل السكينة عليهم ، وأنه علم ما في قلوبهم من الايمان وأثابهم فتحا قريبا.
والكلام على ذلك مبني على القول بالعموم ، وفي أصحابنا من قال : لا صيغة للعموم ينفرد بها ، وبه قال كثير من المخالفين.
فمن قال بذلك كانت الاية عنده مجملة لا يعلم المعنى بها ، وقد بايع النبي عليهالسلام جماعة من المنافقين بلا خلاف ، فلا بد من تخصيص الاية على كل حال ، على أنه تعالى وصف من بايع تحت الشجرة بأوصاف قد علمنا أنها لم تحصل في جميع المبايعين ، فوجب أن يختص الرضا بمن جمع الصفات ، لأنه قال (فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً).
ولا خلاف بين أهل النقل أن الفتح الذي كان بعد بيعة الرضوان بلا فصل هو فتح خيبر ، وأن رسول الله بعث أبا بكر ثم عمر ، فرجع كل واحد منهما منهزما ، فقال النبي عليهالسلام عند ذلك «لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرار غير فرار ، لا يرجع حتى يفتح الله على يديه» فدعا عليا فأعطاه الراية ، وكان الفتح على يده ، فوجب أن يكون هو المخصوص بحكم الاية ، ومن كان معه في ذلك الفتح ، لتكامل الصفات فيهم.
على أن في من بايع بيعة الرضوان طلحة والزبير وقد وقع منهما من قتال علي عليهالسلام ما خرجا به عن الايمان ، وفسقا عند جميع المعتزلة ومن جرى مجراهم ، ولم يمنع وقوع الرضا في تلك الحال من مواقعة المعصية فيما بعد ، فما الذي يمنع من مثل ذلك في غيره.
وليس إذا قلنا ان الاية لا تختص بالرجلين كان طعنا عليهما ، بل إذا حملناها