كان خبر العدل مثله في الفائدة.
قلنا : والقول بوجوب العمل بخبر العدل (١) يوجب أن لا فائدة في تعليل الاية في خبر الفاسق الذي يشاركه العدل فيه ، فإذا تقابلا سقط الاستدلال على كل حال وبقي الأصل في أنه لا يجوز العمل بخبر الواحد الا بدليل.
فصل : قوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) الآيات : ١٢ ـ ١٥.
قوله (وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ) فاللمز هو الرمي بالعيب لمن لا يجوز أن يؤذي بذكره ، وهو المنهي عنه فأما ذكر عيبه فليس بلمز ، وروي أنه عليهالسلام قال : قولوا في الفاسق ما فيه كي يحذره الناس.
وقال ابن عباس وقتادة : لا يطعن بعضكم على بعض ، كما قال (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) (٢) لان المؤمنين كنفس واحدة ، فكأنه بقتله أخاه قاتل نفسه.
وقوله (وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ) قال أبو عبيدة : الانباز والألقاب واحد ، فالنبز القذف باللقب ، نهاهم الله أن يلقب بعضهم بعضا. وقال الضحاك : معناه كل اسم أو صفة يكره الإنسان أن يدعى به فلا يدع به ، وانما يدعى بأحب أسمائه اليه.
وقوله (بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ) لا يدل على أن المؤمن لا يكون فاسقا ، لان الايمان والفسوق بعد الايمان لا يجتمعان ، لان ذلك يجري مجرى أن يقال : بئس الحال الفسوق بعد الشيب.
والمعنى بئس الاسم الفسوق مع الايمان ، كما أن المعنى بئس الحال الفسوق مع الشيب ، على أن الظاهر يقتضي أن الفسق الذي يتعقب الايمان بئس الاسم. وذلك لا يكون الا كفرا وهو بئس الاسم.
__________________
(١). في التبيان : الواحد.
(٢). سورة النساء : ٢٨.