أحق بأن يتبع من داعي الطبع ، لان داعي الطبع أعمى وداعي العقل بصير ، وكلاهما في صفة الناصح ، وهذا من أحسن ما يدل به على ما ينبغي أن يتجنب.
ومعنى قوله (لا يَلِتْكُمْ) لا ينقصكم من حقكم شيئا ، ومنه قوله (وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) (١) أي : ما نقصناهم.
فصل : قوله (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا) الاية : ١٧.
المن القطع بإيصال النفع الموجب للحق ، ومنه قوله «لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ» (٢) أي : غير مقطوع ومنه قولهم : المنة تكدر الصنيعة.
وقيل : إذا كفرت النعمة حسنت المنة ، ومن لا أحد الا وهو محتاج اليه فليس في منه تكدير النعمة ، لان الحاجة اليه لازمة ، لامتناع أن يستغنى عنه بغيره.
سورة ق
فصل : قوله (فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ) الاية : ٥.
أي : مختلط ملتبس ، وأصله إرسال الشيء مع غيره في المرج ، من قولهم : مرج الخيل الذكور مع الإناث ، وهو مرج الخيل أي المسرح الذي يمرج فيه ومرج البحرين أرسلهما في مسرح (٣) يلتقيان ولا يختلطان.
وقوله (مارِجٍ مِنْ نارٍ) أي : مرسلة الشعاع بانتشاره ، قال الشاعر :
فجالت فالتمست به حشاها |
|
فخر كأنه غصن مريج |
أي : قد التبس بكثرة شعبه.
فصل : قوله (أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وَزَيَّنَّاها وَما لَها مِنْ
__________________
(١). سورة هود : ٣٨.
(٢). سورة التين : ٦.
(٣). في التبيان : مرج.