من سعتها وعظمها فيما يظهر من حالها بمنزلة الناطقة التي إذا قيل لها هل امتلأت فتقول : هل من مزيد ، أي : لم أمتل وبقي في سعة كثيرة ، ومثله قول الشاعر :
امتلأ الحوض وقال قطني |
|
مهلا رويدا قد ملات بطني |
والحوض لم يقل شيئا ، وانما أخبر عن امتلائها وأنها لو كانت ممن ينطق لقالت : قطني مهلا قد ملات بطني ، فكذلك القول في الاية.
وقال الحسن وعمرو بن عبيد وواصل : معنى هل من مزيد ما من مزيد ، وأنه بمعنى لا مزيد ، وأنكروا أن يكون طلبا للزيادة ، لقوله (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) (١).
وقال بعضهم : هذا ليس بمنكر من وجهين : أحدهما ـ أن يكون ذلك حكاية عن الحال التي هي قبل دخول جميع أهل النار فيها ، وهي لم يمتل بعد وان امتلأت فيها بعد. والاخر : أن يكون طلب الزيادة بشرط أن يزاد في سعتها.
وقال قوم : هل من مزيد بمنزلة قول النبي عليهالسلام يوم فتح مكة وقد قيل له : ألا تترك دارك. فقال : وهل ترك لنا عقيل من ربع ، لأنه كان باع دور بني هاشم لما خرجوا الى المدينة ، وانما أراد لم يترك لنا دارا.
فصل : قوله (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ) الاية : ٣١.
الازلاف التقريب الى الخير ، ومنه الزلفة والزلفى ويقولون : ازدلف اليه أي اقترب ، والمزدلفة منزلة قريبة من الموقف وهو المشعر وجمع ، ومنه قول الراجز :
ناج طواه الأين مفما وجفا |
|
طي الليالي زلفا فزلفا |
فصل : قوله (فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ) الآيات : ٣٦ ـ ٣٨.
أي : فتحوا المسالك في البلاد لشدة بطشهم ، فالتنقيب التفتيح لما يصلح للسلوك من نقص البنية ، فالنقب نقض موضع بما يصلح للسلوك. وقال مجاهد :
__________________
(١). سورة هود : ١١٩.