تجدوها مصرفة من حال الى حال ، ومنتقلة من صفة الى اخرى ، فكنتم نطفا فصرتم أحياء ، ثم كنتم أطفالا فصرتم شبانا ، ثم صرتم كهولا ، وكنتم ضعفا فصرتم أقوياء ، فهلا لكم ذلك على أن لها صانعا صنعها ، ومدبرا يصرفها على ما تقتضيه الحكمة ويدبرها بحسب ما توجبه المصلحة.
وقيل : المعنى أفلا تبصرون بقلوبكم نظر من كأنه يرى الحق بعينه.
وقوله (وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ) ينزله الله إليكم بأن يرسل عليكم الغيث والمطر فيخرج به من الأرض أنواع ما تقتاتونه وتلبسونه وتنتفعون به «وما توعدون» به من العذاب ، ينزله الله عليكم إذا استحققتموه.
وقال الضحاك : وفي السماء رزقكم يعني المطر الذي هو سبب كل خير ، وهو من الرزق الذي قسمه الله وكتبه للعبد في السماء.
فصل : قوله (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ. إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ. فَراغَ إِلى أَهْلِهِ فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ) الآيات : ٢٤ ـ ٣٧.
قوله (قَوْمٌ مُنْكَرُونَ) أي : أنتم قوم منكرون ، والإنكار نفي صحة الامر ونقيضه الإقرار ، ومثله الاعتراف. وانما قال (مُنْكَرُونَ) لأنه لم يكن يعرف مثلهم في أضيافه. ومعنى (سَلاماً) أي : أسلم سلاما.
وقوله (فَراغَ إِلى أَهْلِهِ) أي : ذهب اليهم خفيا ، فالروغ الذهاب في خفي. والعجل مأخوذ من تعجيل أمره لقرب ميلاده ، وهو واحد البقر الصغير. والإيجاس الاحساس بالشيء خفيا.
وقوله (وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ) أي : يكون عالما إذا كبر وبلغ. وقال مجاهد : المبشر به إسماعيل. وقال غيره : هو إسحاق.
وقوله (فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ) يعني في ضجة ، في قول ابن عباس ومجاهد (فَصَكَّتْ