وقوله (وَأَعْطى قَلِيلاً وَأَكْدى) قال مجاهد : نزلت في الوليد بن المغيرة. وقيل : أعطى قليلا وأكدى هو المنافق الذي يعطي قليلا في المعونة على الجهاد ثم يمنع.
وقال ابن عباس ومجاهد : معنى (وَأَكْدى) قطع العطاء كما يقطع البئر الماء واشتقاق أكدى من كدية الركية ، وهي صلابة تمنع الماء إذا بلغ الحافر اليها يئس من الماء ، فيقول : بلغنا كديتها أي صلابتها التي تؤيس من الماء ، يقال : اكدى يكدي اكداءا إذا منع الخير.
وقيل : الكدية صخرة يبلغ اليها حافر البئر فلا يمكنه الحفر.
فصل : قوله (أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِما فِي صُحُفِ مُوسى. وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى. أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى. وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى. وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى) الآيات : ٣٦ ـ ٤٣.
قوله (إِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى) أي : وفى بما يجب عليه لله عزوجل واستحق أن يمدح بهذا المدح.
وقوله (أَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) ليس له من الجزاء الا جزاء ما عمل دون ما عمله غيره ، ومتى دعا الى الايمان من أجاب اليه فهو محمود عليه على طريق التبع ، وكأنه من أجل عمله صار له الحمد على هذا ، ولو لم يعمل شيئا ما استحق جزاء ولا ثوابا ولا عقابا.
وقوله (وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى) معناه : أن ما يفعله الإنسان ويسعى فيه لا بد أن يرى فيما بعد ، بمعنى أنه يجازى عليه : اما من ثواب ، أو عقاب.
وقوله (وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى) معناه : وأن الى ثواب ربك وعقابه آخر الأمور.
وقوله (وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى) قيل : أضحك بأن فعل سبب ذلك من