قيل : في معنى ذلك ثلاثة أقوال :
أحدها : قال الحسن وقتادة وابن زيد : ان المؤمن يسجد طوعا والكافر يسجد كرها بالسيف.
الثاني : ان المؤمن يسجد لله طوعا والكافر في حكم الساجد كرها بما فيه من الحاجة اليه والذلة التي تدعو الى الخضوع لله تعالى.
الثالث : قال أبو علي : سجود الكره بالتذلل للتصرف من عافية الى مرض ، وغنى الى فقر ، وحياة الى موت ، كتذليل الاكم للحوافر في قول الشاعر :
ترى الاكم فيها سجدا للحوافر
وقوله (وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ) قيل : في معناه قولان :
أحدهما : أن سجود الظلال ما فيه من تغير الذلة التي تدعو الى صانع غير مصنوع له العزة والقدرة.
والثاني : قيل سجود الظلال (١) ، لأنه يقصر بارتفاع الشمس ويطول بانحطاطها وذلك من آيات الله الدالة عليه.
والسجود هو وضع الوجه على الأرض على وجه الخضوع مذللا لمن وضع له ، وأصله التذليل من قول الشاعر :
بجمع تظل البلق في حجراته |
|
ترى الاكم فيه سجدا للحوافر |
وأصل السجود هو الميل والتطأطؤ ، يقال : سجد البعير وأسجده صاحبه إذا طأطأه ليركبه.
والآصال جمع أصل ، والأصل جمع أصيل وهو العشي ، فكأنه قيل : أصل الليل الذي ينشأ منه ، لأنه مأخوذ من الأصيل (٢) ، وهو ما بين العصر الى مغرب
__________________
(١). في التبيان : الظل.
(٢). في «ن» و «م» : الأصل.